يمكنك قراءة بقية الحلقات من خلال هذا الرابط: حلقات رواية فيلا العجمي
رواية فيلا العجمي { الحلقة السابعة }
ماريانا وحدها
دخلت مارينا غرفتها ، وأغلقت عليها بابها بعد طعام العشاء ، وجلست على سريرها فى ضوء خافت ، وهى تستمع إلى بعض المقطوعات من الموسيقى الرومانسية الكلاسيكية .
وأخذت تفكر فى ذلك الشخص الذى تقابلت معه فى صدفة غير متوقعة .
وظلت تسأل نفسها ترى من يكون هذا الشخص ..
ترى ما اسمه ؟
هل هو متزوج ؟
لا أعتقد ذلك فما زال سنه صغيراً على الزواج ، هكذا كانت تحدث نفسها .
وما سر تلك النظرة الساحرة التى رمقنى بها ؟
هل لاحظ إعجابى به ؟
هل شعر بهذه الأحاسيس التى شعرت بها ؟
قالت لنفسها بالتأكيد ، وإلا فما هو سبب نظراته الساحرة تلك التى رأيتها فى عينيه وسألت نفسها مجدداً..
كيف أراه مرة أخرى ؟
هل أحببته إلى هذه الدرجه ، أم هى مجرد لحظة إعجاب عابرة ؟
إننى لم أحب من قبل ، ولم أشعر بمثل هذا الإحساس الذى يغمرنى ، ولم أشعر بمثل هذه السعادة التى شعرت بها منذ أن رأيته.
ترى من أنت يا من سحرتنى هكذا ؟
ولماذا تركتنى حائرة هكذا ؟
هكذا ظلت ماريانا تسأل نفسها ، بدون أن تجد أى إجابة شافية لأى من تلك الأسئلة ، وإن تملكها الاستغراب من هذه الصدفة العجيبة الجميلة ، التى جمعت بينها ، وبين من أحبته .
وإن كانت تشعر بالألم فها هو أول شخص يدق له قلبها ، قد تبخر من أمامها كأنه دخان ، أو طيف عابر ، وقالت لنفسها ياحظى التعس كيف أراه مرة أخرى ؟
وفى هذه اللحظة صدمها عقلها بجوابه الأجوف ، الخالى من أية مشاعر وهو يقول لها ، ما هذا يا ماريانا أتحبين شخص لاتعرفين من هو ؟
وهل بادلك أيضاً حباً بحب مثلك ؟
هل شعر بك مثلما شعرت أنتى به ؟
وكيف تحبين شخصا من نظرة واحدة ، وكيف تحبينه ، وأنتى لا تعلمين أين هو ، وهل ستراه عيناكِ مرة أخرى ، أم لا .
ماذا حدث لكى أنتِ أيتها العاقلة المتزنة ، وكانت المفاجأة لعقلها أن قلبها لا يلقى بالا لكل هذا . بل ، وضرب به عرض الحائط ، وكأن قلبها لم يستمع لهذا الحوار بل ، وأكد لها أنها ستراه مرة أخرى ، وظل يردد بين أضلاعها مقولة واحدة .. إننى أحببته .
تماماً مثلما كان حال أحمد ، كان هو أيضاً لا يعطى بالا لصوت العقل هكذا هو الحب ..
لاصوت فيه يعلو على صوت القلوب ..
********
حـتى الصـباح
ظل أحمد يتردد كثيراً على المحل ، الذى قابل فيه حبيبة قلبه ، التى لا يعرف حتى ما إسمها ، ولكن دون جدوى كان يُمنّى نفسه أن يراها ، ويكلمها ، وقد أقسم أنه لو قابلها لن يتركها ، حتى يتحدث معها ، ويصرح لها عن إعجابه بها ، وحبه الجارف لها .
مكث أحمد على هذه الحالة بعض الوقت ، حتى تملكه اليأس أن يرى حبيبته مرة أخرى ، فلم يعد يذهب إلى ذلك المحل ثانية . فما كان يتمناه لم يحدث .
ومع اقتراب امتحانات نهاية العام ، بدأ فى السهر للمذاكرة حتى الصباح مع زميل دراسته ، وجاره جاسر ، وإن كان عقله ، وقلبه بين الحين ، والآخر يسبحان فى خياله مع من أحبها ، ولكنه كان رجلاً يتحمل مسؤولياته .
فقد كان يعلم أن حصوله على درجة البكالوريوس، هو بداية الطرق لمستقبله . لذلك كان يرهق نفسه كثيراً فى المذاكرة ، وإن كان فى أوقات الراحة يبوح بمشاعره التى ترواده تجاه حبيبته لجاسر.
تلك الإنسانة التى لم يستطع أن ينساها يوماً واحداً ، فلم تغب صورتها عن عينيه لحظة واحدة ، بل كان يشعر أن حبه لها يزداد يوماً بعد يوم، وأنه سيراها يوماً ما.
ولكن جاسر كان غير مقتنع بمثل هذا الحب ، وحاول أن يثنى أحمد عنه كثيراً لكن دون جدوى
فقد كان أحمد يعلم أن جاسر لا وجود للرومانسية فى قلبه ، بالرغم من أن حياته تمتلئ بالرعونة ، واللامبالاة ، والمغامرات النسائية ، فقد كان يجيد التلاعب بالمرأة ، ومشاعرها ، وكان هذا ما يسبب بينه ، وبين أحمد الكثير ، والكثير من المشاحنات التى قد تصل فى بعد الأحيان إلى حد الخصام .
فطبيعته الأخلاقية ، والرومانسية كانت ترفض الاستهانة ، والتلاعب بمشاعر الآخرين ، وهذا هو ما كان مبعث الخلاف الدائم بينهما .
فجاسر كانت مشاعره جامدة ، وكان يحكم على كل الأمور بعقليه مادية فقط ، كان كأنه كمن لا يمتلك قلباً ، أو أن قلبه قد قُدّ من حجر صوان .
لهذا لم يكن أحمد يصغى لما يقوله له جاسر ، ولا يشغل باله بما يبديه من آراء .
وبالفعل بدأت الامتحانات ، وانشغل أحمد بها تماماً فكان هدفه أن يحصل على درجة البكالوريوس بتقدير كبير ، ومع انتهاء الامتحانات فى آخر يوم تقابل مع جاسر ، وأطمئن على صديقه ، الذى قال له أن إجابته كانت ممتازة ، وضحك الإثنان فرحاً لتوفيقهما فى هذا الامتحان ، وقد اتفقا أن يتقابلا فى المساء ليروحا قليلاً عن أنفسهما قليلاً ، بعد عناء الامتحانات ومشقتها .
وبالفعل تقابلا فى المساء ، وتحدث أحمد مع جاسر ، وقال له لقد ذهبت اليوم إلى المحل الذى تقابلت فيه مع تلك الإنسانة ، التى أحببتها أكثر من مرة ، ولكن دون جدوى قل لى ماذا أفعل ؟
صمت جاسر ، وقال له : إننى أشعر أنك بحاجه أن تريح أعصابك قليلاً .
واستطرد قائلاً له : إننا سنذهب أنا ، والعائلة للعجمى بالإسكندرية لبضعة أيام . فما رأيك أن تأتى معنا لتريح أعصابك قليلاً ، وترتاح من عناء الامتحانات ، ونفكر بهدوء ، وروية أكثر عسى أن نجد حلاً لهذا الموضوع ؟
استحسن أحمد الفكرة ، فهو كان يحتاج لرحلة مثل هذه ، وقال له متى ستسافر ؟
فقال له جاسر : يوم الخميس القادم .
فرد أحمد قائلاً : سوف آتِ معك بإذن الله ، فإنى فى أمس الحاجة لرحلة مثل هذه .
ويالها من رحلة ...
********
تعليقات
إرسال تعليق